قال لي غاندي : هل في وسعك أن تهربي من نفسك؟ هل يمكنك أن تعثري على السعادة بين الناس ، إذا كان قلبك مفعماً بالمرارة والحقد ؟
جاءت هذه الكلمات على لسان السيدة لاكشمي بانيت، شقيقة نهرو ، والتي مثلت الهند في عديد من المؤتمرات وتولت منصب سفيرة الهند في لندن أعواما طويلة .
ورحلت، وبقيت نصيحة غاندي التي ذكرتها في مذكراتها خالدة .
تقول بانيت انها سمعت تلك العبارة الرائعة في مستهل حياتها السياسية. وتذكر ذلك اليوم قائلة: كان يوما مشرقا عندما تلقيت أعظم نصيحة في حياتي.
ولعل معظم الناس يعانون القلق عندما يضعف إيمانهم بالإنسانية ، وعانيت أنا هذا القلق ، فقد مات زوجي وحزنت لفقده .. وبعد وفاته عانيت عذابا آخر .
فأنا أمام القانون ليست لي شخصية مستقلة ، وإنما استمد وجودي من وجود زوجي . وعلى الرغم من أن نساء الهند كافحن سنوات طويلة جنبا إلى جنب مع الرجال ، من أجل حرية الوطن ، فإن القانون لا يقيم وزنا إلا عن طريق علاقاتنا بأزواجنا . والآن ، وقد أصبحت أرملة وليس لي ابن ، بل بنتان ، فليس من حقي أن أرث شيئا عن زوجي .
استنكرت هذا الوضع . وهاجمت أعضاء أسرتي الذين يؤيدون ذلك القانون العتيق . ورأيت أن أذهب الى غاندي لأودعه قبل سفري لأمريكا لأشترك في مؤتمر دول الباسفيك . وبعدما تحدثت إليه سألني : هل أنت على وفاق مع أسرتك ؟ وأذهلني أنه يقف ضدي . فقلت : إنني لم أشتبك مع أحد منهم بعد ، ولكنني أرفض أن أكون على صلة بهؤلاء الذين يؤيدون قانونا باليا ، يجعل موقفي مهينا ، ويزيد من حرجي .. ونظر غاندي من النافذة لحظة ، ثم استدار إلي قائلا : ستذهبين اليهم وتودعينهم ؛ فهذا ما تقضي به آداب اللياقة والخلق السليم .. تلك الأمور نقيم لها وزنا كبيرا في الهند .
وصرخت قائلة : أبدا / حتى لو كان هذا لا يرضيك ، فن أضع يدي في يد أناس يتعمدون ايذائي . وابتسم غاندي قائلا : لا يستطيع أحد إيذائك ، إلا نفسك . إنني أرى المرار في قلبك .. وهذه المرارة وحدها هي التي تؤذيك ، فعليك أن تقضي عليها ، والتزمت الصمت ، بينما مضى غاندي يقول : إنك ستسافرين الى بلد جديدة لأنك شقية هنا ، ولأنك تريدين الهرب مما أنت فيه . ولكن ، هل في وسعك أن تهربي من نفسك ؟ هل يمكنك أن تعثري على السعادة بين الناس اذا كان قلبك مفعما بالمرارة والحقد ؟ لقد فقدت رجلا حبيبا الى نفسك ألا يكفي هذا العذاب ؟ هل لا بد من أن تحملي نفسك عبئا جديدا لأنك لم توهبي الشجاعة لتنظيف قلبك ؟
ولم تغب كلماته عني . لقد أقلقتني . وبعد أيام من الكفاح القاسي مع نفسي تحدثت الى شقيق زوجي عبر الهاتف ، وأعربت له عن رغبتي في أن أراه وأرى العائلة قبل أن سفري .ولم يمض على بقائي معهم أكثر من خمس دقائق حتى أحسست بأن كل أفراد الأسرة استراحوا الى زيارتي لهم ، وأطلعتهم على مشروعاتي وسألتهم النصح ، قبل أن أبدأ تلك الرحلة الجديدة في حياتي . وكانت النتيجة مذهلة وخارقة ، وأحسست بأن عبئا ثقيلا قد رفع عن كاهلي وأصبحت حرة في أن أكون ما أشاء . وكانت هذه بادرة تغير هائلة في حياتي كلها .
وأثناء أحد المؤتمرات في الأمم المتحدة ، تركت لغضبي العنان وهاجمت خصومي بعنف ، ولكنني في اليوم التالي تذكرت غاندي فجأة ، وسألت نفسي: أتراه كان يقر بمسلكي ؟ لقد كان غاندي يهتم بوسيلة كما يهتم بالغاية. بل إنه يؤثر الوسيلة على الغاية ، فماذا يكون شعورنا لو أفلحنا في حمل الأمم المتحدة على إقرار إقتراحنا بأساليب تنقص من إحترامنا لأنفسنا ؟
وتغير مسلكي في اليوم التالي ، وحتى نهاية المؤتمر . وقبل أن أبرح قاعة الجلسة توجهت إلى زعيم الوفد المعارض وقلت لها: جئت إليك عساك تغفر لي إذا كنت قد أسأت إليك بكلمة أو حركة في هذه المناقشة. فشد على يدي قائلا :" إنني لا أشكو من شيء ". وكان من الخير أن أكون على علاقة طيبة معه ، وأحسن من ذلك أن أكون على علاقة طيبة مع نفسي . أن الإحتفاظ بروح التوازن ضروري كالبقاء على قلبك محررا من المرارة والحقد . ومهما يكن عملك ومركز ، فإن النصيحة التي منحني إياها غاندي تظل عظيمة القيمة: مامن أحد يستطيع إيذاءك إلا نفسك.
جاءت هذه الكلمات على لسان السيدة لاكشمي بانيت، شقيقة نهرو ، والتي مثلت الهند في عديد من المؤتمرات وتولت منصب سفيرة الهند في لندن أعواما طويلة .
ورحلت، وبقيت نصيحة غاندي التي ذكرتها في مذكراتها خالدة .
تقول بانيت انها سمعت تلك العبارة الرائعة في مستهل حياتها السياسية. وتذكر ذلك اليوم قائلة: كان يوما مشرقا عندما تلقيت أعظم نصيحة في حياتي.
ولعل معظم الناس يعانون القلق عندما يضعف إيمانهم بالإنسانية ، وعانيت أنا هذا القلق ، فقد مات زوجي وحزنت لفقده .. وبعد وفاته عانيت عذابا آخر .
فأنا أمام القانون ليست لي شخصية مستقلة ، وإنما استمد وجودي من وجود زوجي . وعلى الرغم من أن نساء الهند كافحن سنوات طويلة جنبا إلى جنب مع الرجال ، من أجل حرية الوطن ، فإن القانون لا يقيم وزنا إلا عن طريق علاقاتنا بأزواجنا . والآن ، وقد أصبحت أرملة وليس لي ابن ، بل بنتان ، فليس من حقي أن أرث شيئا عن زوجي .
استنكرت هذا الوضع . وهاجمت أعضاء أسرتي الذين يؤيدون ذلك القانون العتيق . ورأيت أن أذهب الى غاندي لأودعه قبل سفري لأمريكا لأشترك في مؤتمر دول الباسفيك . وبعدما تحدثت إليه سألني : هل أنت على وفاق مع أسرتك ؟ وأذهلني أنه يقف ضدي . فقلت : إنني لم أشتبك مع أحد منهم بعد ، ولكنني أرفض أن أكون على صلة بهؤلاء الذين يؤيدون قانونا باليا ، يجعل موقفي مهينا ، ويزيد من حرجي .. ونظر غاندي من النافذة لحظة ، ثم استدار إلي قائلا : ستذهبين اليهم وتودعينهم ؛ فهذا ما تقضي به آداب اللياقة والخلق السليم .. تلك الأمور نقيم لها وزنا كبيرا في الهند .
وصرخت قائلة : أبدا / حتى لو كان هذا لا يرضيك ، فن أضع يدي في يد أناس يتعمدون ايذائي . وابتسم غاندي قائلا : لا يستطيع أحد إيذائك ، إلا نفسك . إنني أرى المرار في قلبك .. وهذه المرارة وحدها هي التي تؤذيك ، فعليك أن تقضي عليها ، والتزمت الصمت ، بينما مضى غاندي يقول : إنك ستسافرين الى بلد جديدة لأنك شقية هنا ، ولأنك تريدين الهرب مما أنت فيه . ولكن ، هل في وسعك أن تهربي من نفسك ؟ هل يمكنك أن تعثري على السعادة بين الناس اذا كان قلبك مفعما بالمرارة والحقد ؟ لقد فقدت رجلا حبيبا الى نفسك ألا يكفي هذا العذاب ؟ هل لا بد من أن تحملي نفسك عبئا جديدا لأنك لم توهبي الشجاعة لتنظيف قلبك ؟
ولم تغب كلماته عني . لقد أقلقتني . وبعد أيام من الكفاح القاسي مع نفسي تحدثت الى شقيق زوجي عبر الهاتف ، وأعربت له عن رغبتي في أن أراه وأرى العائلة قبل أن سفري .ولم يمض على بقائي معهم أكثر من خمس دقائق حتى أحسست بأن كل أفراد الأسرة استراحوا الى زيارتي لهم ، وأطلعتهم على مشروعاتي وسألتهم النصح ، قبل أن أبدأ تلك الرحلة الجديدة في حياتي . وكانت النتيجة مذهلة وخارقة ، وأحسست بأن عبئا ثقيلا قد رفع عن كاهلي وأصبحت حرة في أن أكون ما أشاء . وكانت هذه بادرة تغير هائلة في حياتي كلها .
وأثناء أحد المؤتمرات في الأمم المتحدة ، تركت لغضبي العنان وهاجمت خصومي بعنف ، ولكنني في اليوم التالي تذكرت غاندي فجأة ، وسألت نفسي: أتراه كان يقر بمسلكي ؟ لقد كان غاندي يهتم بوسيلة كما يهتم بالغاية. بل إنه يؤثر الوسيلة على الغاية ، فماذا يكون شعورنا لو أفلحنا في حمل الأمم المتحدة على إقرار إقتراحنا بأساليب تنقص من إحترامنا لأنفسنا ؟
وتغير مسلكي في اليوم التالي ، وحتى نهاية المؤتمر . وقبل أن أبرح قاعة الجلسة توجهت إلى زعيم الوفد المعارض وقلت لها: جئت إليك عساك تغفر لي إذا كنت قد أسأت إليك بكلمة أو حركة في هذه المناقشة. فشد على يدي قائلا :" إنني لا أشكو من شيء ". وكان من الخير أن أكون على علاقة طيبة معه ، وأحسن من ذلك أن أكون على علاقة طيبة مع نفسي . أن الإحتفاظ بروح التوازن ضروري كالبقاء على قلبك محررا من المرارة والحقد . ومهما يكن عملك ومركز ، فإن النصيحة التي منحني إياها غاندي تظل عظيمة القيمة: مامن أحد يستطيع إيذاءك إلا نفسك.
